قصص أطباء الأطفال عن مجازر الأطفال في غزة
ديسمبر ۲، ۲۰۲٤
“زملاؤنا الفلسطينيون ليسوا هنا اليوم لأن النظام الذي نعيش فيه حاليًا لا يعترف بقيمة الحياة الفلسطينية”
الدكتورة تانيا الحاج تنهار خلال جلسة للأمم المتحدة وهي تشارك شهادات من غزة تشرح بالتفصيل أزمة الرعاية الصحية الأليمة. قُتل أكثر من 1000 عامل في مجال الرعاية الصحية، ويوجد المئات في الأسر الإسرائيلية، وتوفي أربعة على الأقل أثناء اعتقالهم، ولا تزال جثثهم محتجزة لدى إسرائيل.
@trtworld
النص العربي:
الدكتورة تانيا حاج حسن: “أريد أن يعرف العالم بأسره أنني إنسان. في النهاية، أنا لست قلمًا على ورقة. لست مجهولة. أنا إنسان خلقني الله”. كل شخص التقيت به في غزة فقد عائلته، وأصدقائه، وزملائه، أو جيرانه الذين انتُزعوا منه بعنف. أتذكر سوار، الطفلة ذات الست سنوات، التي كانت موصولة بجهاز التنفس الصناعي في وحدة العناية المركزة، تعاني من إصابة دماغية رضحية شديدة. كان شقيقها الصغير ما زال مفقودًا. أسترجع مشهد والدتها تجلس بجوارها، الدموع تنهمر على وجهها، وتسأل: “ما كان ذنبها؟” لم أملك الشجاعة لأخبرها أن سوار، برموشها الطويلة الداكنة وتجاعيد شعرها الجميلة، قد لا تتمكن من التحدث أو التفاعل بشكل كامل، إذا نجت. أو الرجل المسن اللطيف الذي كان يساعد في حمل الجرحى إلى قسم الطوارئ، ويواسيهم بأي طريقة ممكنة، وينظف برك الدماء بعد كل إصابة جماعية. كنت أراه يوميًا واعتقدت أنه موظف في المستشفى، فقط لأكتشف لاحقًا أنه بدأ بالتطوع في المستشفى بعد أن قُتل أفراد عائلته بالكامل في بداية الإبادة الجماعية. أو عامر، الفتى ذو الثلاثة عشر عامًا، الذي أصيب بجروح خطيرة في رقبته بعد قصف منزله، وكان ينادي على أخته دون أن يدرك أنها الفتاة التي كانت على السرير المجاور له، لأن الحروق قد شوهت ملامحها بالكامل. عندما توفيت، أصبح عامر الناجي الوحيد من عائلته. أتذكر نظراته الشاردة وصوته الناعم وهو يهمس في أذني: “أتمنى لو أنني مت معهم. كل من أحبهم في الجنة. لا أريد أن أبقى هنا بعد الآن”. أريدكم أن تأخذوا لحظة وتتخيلوا جميع الأطفال الذين تحدثت عنهم للتو، وأمهاتهم وآباءهم الذين يبحثون بيأس عن رعاية طبية ويبحثون عن الأمل في أحد المستشفيات القليلة المتبقية في غزة. ثم تنقطع الكهرباء، ويُقصف مدخل المستشفى بصاروخ. ويُهدّد المستشفى مرة أخرى بأوامر تهجير قسري. هذه ليست سوى بُعد واحد من هذا الوضع المروع. كل شيء ضروري للحياة في غزة يتعرض للهجوم. يومًا ما، سيُنبش أحدهم السجلات التي تحمل شهاداتنا، استغاثاتنا المستمرة لمدة 14 شهرًا. وسيُنبشون السجلات التي توثق الفلسطينيين وهم يغطّون إبادة أنفسهم، في وقت كان فيه الصحفيون الدوليون ممنوعين بشكل غير مسبوق من الدخول. وأطفال فلسطينيون يعقدون مؤتمرات صحفية ليقولوا للعالم إن حياتهم لها قيمة. سنضطر يومًا ما إلى مواجهة هذا التاريخ. “لماذا لا يكون الفلسطينيون هم من يتحدثون عن قضيتنا؟ لماذا لسنا نحن هناك وقادرين على الكلام؟ الشعب الفلسطيني، أهل غزة، لماذا ليس أنا؟ لماذا ليس جاري؟ لماذا ليس زميلي؟” زملاؤنا الفلسطينيون ليسوا هنا اليوم لأن الأنظمة التي نعيش في ظلها لا تعترف بقيمة الحياة الفلسطينية. كما قال أحد الجراحين المتطوعين: “عندما كنت في غزة، شعرت وكأنها مقدمة لنهاية الإنسانية.” ماذا سيحدث الآن بعد أن تم تجاوز كل هذه الخطوط؟ إلى أي عالم انحدرنا؟